سورة النساء - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النساء)


        


{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان} يتأملون في معانيه ويتبصرون ما فيه، وأصل التدبر النظر في أدبار الشيء. {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله} أي ولو كان من كلام البشر كما تزعم الكفار. {لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} من تناقض المعنى وتفاوت النظم، وكان بعضه فصيحاً وبعضه ركيكاً، وبعضه يصعب معارضته وبعضه يسهل، ومطابقة بعض أخباره المستقبلة للواقع دون بعض، وموافقة العقل لبعض أحكامه دون بعض، على ما دل عليه الاستقراء لنقصان القوة البشرية. ولعل ذكره هاهنا للتنبيه على أن اختلاف ما سبق من الأحكام ليس لتناقض في الحكم بل لاختلاف الأحوال في الحكم والمصالح.


{وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف} مما يوجب الأمن أو الخوف. {أَذَاعُواْ بِهِ} أفشوه كما كان يفعله قوم من ضعفة المسلمين إذا بلغهم خبر عن سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه من وعد بالظفر، أو تخويف من الكفرة أذاعوا به لعدم حزمهم فكانت إذاعتهم مفسدة. والباء مزيدة أو لتضمن الإِذاعة معنى التحدث. {وَلَوْ رَدُّوهُ} أي ولو ردوا ذَلك الخبر. {إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ} إلى رأيه ورأي كبار أصحابه البصراء بالأمور، أو الأمراء. {لَعَلِمَهُ} لَعلم ما أخبروا به على أي وجه يذكر. {الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} يستخرجون تدابيره بتجاربهم وأنظارهم. وقيل كانوا يسمعون أراجيف المنافقين فيذيعونها فتعود وبالاً على المسلمين، ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم حتى يسمعوه منهم وتعرفوا أنه هل يذاع لعلم ذلك من هؤلاء الذين يستنبطونه من الرسول وأولي الأمر أي: يستخرجون علمه من جهتهم، وأصل الاستنباط إخراج النبط: وهو الماء، يخرج من البئر أول ما يحفر. {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ} بإرسال الرسول وإنزال الكتاب. {لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان} والكفر والضلال. {إِلاَّ قَلِيلاً} أي إِلا قليلاً منكم تفضل الله عليه بعقل راجح اهتدى به إلى الحق والصواب، وعصمه عن متابعة الشيطان كزيد بن عمرو بن نفيل، وورقة بن نوفل. أو إلا اتباعاً قليلاً على الندور.


{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ الله} أن تثبطوا وتركوك وحدك. {لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ} إلا فعل نفسك لا يضرك مخالفتهم وتقاعدهم، فتقدم إلى الجهاد وإن لم يساعدك أحد فإن الله ناصرك لا الجنود. روي: «أنه عليه الصلاة والسلام دعا الناس في بدر الصغرى إلى الخروج فكرهه بعضهم فنزلت فخرج عليه الصلاة والسلام وما معه إلا سبعون لم يلو على أحدٍ» وقرئ لا {تُكَلَّف} بالجزم، و{لا نكلف} بالنون على بناء الفاعل أي لا نكلفك إلا فعل نفسك، لا أنا لا نكلف أحداً إلا نفسك لقوله: {وَحَرّضِ المؤمنين} على القتال إذ ما عليك في شأنهم إلا التحريض {عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ الذين كَفَرُواْ} يعني قريشاً، وقد فعل بأن ألقى في قلوبهم الرعب حتى رجعوا. {والله أَشَدُّ بَأْساً} من قريش. {وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} تعذيباً منهم، وهو تقريع وتهديد لمن لم يتبعه.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16